الجمعة، نوفمبر ١١، ٢٠٠٥

رسالة إلى أبي



اتصلت فيني إحدى بنات البلد إللي بكل صراحة الواحد يفتخر فيهم وطلبت مني عرض قصتها إللي وايد أثرت فيني، وأرجو المشاركة، من القراء الكرام، إللي عنده كلمة يبي أوصلها للبنت أو أي نصيحة، فالمجال مفتوح إما في المدونة أو عن طريق الإيميل وأنا بدوري أوصله لصاحبة القصة.

والحين بأتركم معاها وهي تسرد لكم، قصتها إللي أعتقد، لوما وقفت أمها ورحمة رب العالمين، كان انجرفت مع التيار، ولاكن الله ورحمته

أنا وعيت على الدنيا وكنت أشوف أمي -الله يخليها لي- وزوج أمي إللي أكن له كل احترام وتقدير. أنا أبوي انفصل عن أمي وأنا عمري أقل من خمس شهور وكبرت على هالأساس، وكان مو ناقصني شي، كل شي متوفر لي، إلين في يوم من الأيام يت والدتي وقالتلي إن عندي أبو ويبي يشوفني، ويريته ما يه، المهم إني ما عطيت الموضوع أي اهتمام، كنت صغيرة 13 سنة تقريبا، وفعلا تمت المقابلة، ودتني أمي وعرفتني عليه، واستمرت المقابلات، من كوفي شوب إلى كوفي شوب، وايد كنت فخورة فيه خصوصا إنه رجل أعمال مرموق ومعروف، أي وحده بسني تتمنى يكون أبوها، وأحس إنه كان وايد مستانس من وجودي ومن تفكيري، وفي أمور مشتركة بيني وبينه بالتفكير وخصوصا بقراءة الكتب، إلين في يوم عرض علي إنا نتقابل بمكان ما فيه ناس، وهل اليوم اذكره بالوقت والتاريخ، وداني بيت بسلوى، وأظنها مزرعة ودلها لما الحين، سحب المفتاح من على السور ودخلنا من باب المطبخ، قلتله وين موديني؟ وهذا بيت منو؟ قال أنا مليت من القهاوي هني أريح وما أبي مرتي تعرف إني اطلع معاك ولا تخافين هذا بيت رفيجي وماكو أحد، أهل البيت مسافرين، دخلت معاه وكانت الطامة الكبرى إللي أبوي ما حسب لها حساب، شفت بالمكان طاولة قمار وبار على جنب قالي إذا تبين تشربين أي شي هناك الثلاجة وفي كتب إذا تحبين تصفحينهم راح يعجبونك، فتحت الثلاجة فيها كل أنواع الخمور، وايد ضايقني تصرف أبوي، اشلون يدخلني مكان جذي؟ وسألته الكتب من له؟ قالي مرت رفيجي أجنبيه وهذي كتبها، المهم قضينا اليوم مع بعض ولما طلعنا كان في واحد واقف بره من الجنسيات الآسيوية نظر لنا بنظرة دونية، كلش مو مبين ريال وبنته، وخاصة أبوي شكله ريال كبير، وايد ضايقني الموضوع , واكتشفت إن أبوي ومثلي الأعلى إلا على قمار وشراب، وفوق كل هذا مستعر مني، لما رجعت البيت، رحت غرفتي بسرعة وبكيت بكي من كل قلبي وفكرة توديني وفكرة تيبني، وبيني وبين نفسي قلت عياله يسوي معاهم نفس الطريقة وبلغت أمي باللي صار طبعا أمي ثارت وراحت له الشركة ثاني يوم وسوت له صيحة وطبعا الوالد تعلم من هالدرس، بعدها بلغتني أمي إن أبوي كان يدفعلي مصاريف مدرستي إلين تخرجت من الثانوية وبالصدفة وأنا أخلص إجراءات الثانوية كان في طالب أصغر مني بخمس سنوات يساعد هيأة التدريس في وقت الفراغ بالصدفة قرأ اسمي وقالي إنتي اسمك نفس اسمي! أنا فلان الفلاني عرفت إنه أخوي، وايد ارتحت، بس اشلون أقوله إني إخته؟ الموضوع كان وايد صعب علي وبدون تردد تبادلت معاه التلفونات، ومن أول مقابلة بلغته إني إخته وتقبل الموضوع، وبديت أمره واطلعه معاي، حسيت بالأمان إللي أبوي حرمني منه أو بخل علي فيه، واستمرت علاقتنا، وديته بيتي وعرفته على أمي اللي وايد انعجب بشخصيتها وتعجب اشلون أبوي طلق هذي الإنسانة العظيمة، وايد كان يكلمني عن أمي وعن ثقافتها وعن إعجابه فيها، وايد ارتحت من هذا التقارب حسيت إن كل شي راح يتعوض إلين قلت لخوي في يوم: ترى ممكن أبوك أو أمك يعرفون بعلاقتنا، قالي: تدرين إن أبوي مرة قالنا شنو موقفكم لو في يوم من الأيام أقولكم إن عندكم أخت؟ قلتله توقع في يوم من الأيام إن أحد من أهلك يكتشف إني موجودة بحياتك، قالي لا تخافين أنا راح أحميك وراح أكون الأخ إللي إنتي راح تفتخرين فيه، واستمرت علاقتنا إلين أخوي تخرج وبعدها أنا سكنت بشقة بروحي وكان يزورني فيها وفي يوم من الأيام قال لي إن أمه كنها حاسة بعلاقتنا وفعلا مثل ما دخل بحياتي بسرعة طلع منها بسرعة وأنا ما لومه توه صغير وشوره مو براسه، لما الحين أمه مسيطرة عليه وعلى خواتي إللي لما الحين ما شفتهم بس إللي ألومه أبوي إللي خايف منها، مرت أبوي شخصية متسلطة، أبوي حولها من إنسانة من الشارع إلى سيدة مجتمع معروفة والناس تحلف باسمها وهذا بشهادة أخوي لما شاف أمي قالي أنا مستغرب شلون أبوي طلق أمك وأخذ أمي! المهم مرت أبوي طلعت أخوي من حياتي مادري شنو قالت له عني كل ما أدق عليه يسكر الخط، تزوج أخوي وسمعت من بره إن وحده من خواتي تزوجت، ولا انعزمت على عرسهم، مادري ليش يبعدوني طبعا الأسباب إللي خلتني أسكن بروحي بعد ما رجعت من لندن وما كملت الجامعة بسبب أبوي إلي منع عني المصاريف وصار خلاف بيني وبين أمي -ماحب اذكره واحتفظ فيه لنفسي- سكنت بيت خالتي سبع سنوات، أنام علي القنفة بالصالة، مافي مكان عندهم، كنت اتصل بأبوي محتاجته وما كان يلبي طلباتي، احتياجاتي من ملابس وخلافه كانت أمي إللي تشتريهم لي وتلبسني أفضل شي وهذا بشهادة أبوي, كان لما يشوفني كاشخة من خير أمي يقول أمك إنسانة عظيمة، بس مو كل مصاريفي متوفرة وأنا بنت أبي مصروف بيدي، كنت أتدين من البقال، إلين وصل حسابي عند البقال 170 دينار، دين برقبتي ما نسيته، بعد ما توظفت سديتهم للريال الطيب إلي كان أرحم من أبوي، المهم إني توظفت بمكانين وبنيت نفسي بنفسي، وحدة علشان أسدد متطلبات الحياة وحدة اتسكر مصاريف بيتي، وأنا وايد فخورة بنفسي وعلي كل هالمصاعب محافظة علي نفسي وعلي شرفي، والكل يفتخر فيني أمي وزوجها إللي لهم الفضل الكبير في تكوين شخصيتي، وهذا الريال الطيب إللي طلب مني إني أكمل دراستي بلندن علي حسابه، بس أنا رفضت ومابي أثقل عليه، وبشهادة الناس المقربين مني كلهم يشكرون بإنجازاتي، إلا أبوي مع الأسف، إن شافني يصد عني ومع كل هالمغريات وانشغالي بالحياة العملية، وكان هدفي إني أثبت نفسي جدام المجتمع إللي رفضني ورفضه كان ما يهمني، أبثبت نفسي بأي طريقه المهم طلع بحياتي ريال كبير بالسن عوضني عن كل الحرمان، شخصيته كانت مزيج من الأب والأم والأخ والصديق الصدوق، كان وايد يخاف علي ويداريني، بدون مبالغة حطلي الشمس بيد والقمر بيد، وطلب مني الزواج، فاجأني، بس أنا في ذاك الوقت كنت صغيرة ولا أعرف معنى الحياة، كنت متشتتة، أشوفه ماخذ دور أبوي أكثر، ما فكرت إنه يكون زوج، عرف شنو سبب رفضي، وأحترم فيني هذا الرفض،الين تعرفت علي شخص ثاني، كان وايد قريب من سني، بس كان يلحقني من مكان لي مكان، عرف صديقي الوفي الكبير بالسن وزعل، وصار فتور شوي بعلاقتنا، بسبب انه ما يحب الشخص اليديد إللي عرفته , طبعا نفس الشخص الكبير ما وقف حياته تزوج , بس ما قطع علاقته معاي , دايم يسأل عني وعن أخباري, أول بأول , والشخص الثاني, قطعت علاقتي فيه لسبب واحد , أحس شخصيته ضعيفة , وبنفس الوقت تافه مثل ما قالي صديقي الكبير , ومو هذا الشخص إللي أحلم فيه وبيحميني وأحس ماكو كويتي يتحملني، شخصيتي أقوي من أي ريال كويتي وإذا بتزوج ما راح أتزوج كويتي، وأنا الحين أرتب نفسي للهجرة بره الكويت وناويه الزواج وأكمل الجزء الثاني والأخير من حياتي بس مو مع كويتي.
وبالنهاية أشكر ناس معينين بحياتي، واللي لهم الدور الكبير بحياتي، وحفظوني من الانحراف وهم أمي وريلها , إللي اصرفوا علي، بيت خالتي اللي استضافوني سبع سنين، عمي المرحوم اللي كان يحبني وما وفيته بالموضوع، وأول ريال حبيته بحياتي وكان لي الأب والأخ والحبيب وما استغل ظروفي.
ورسالتي لأبوي إللي أحسه مو مرتاح بدنيته، ومهما أخبي وجودي بحياته ويلغيني من الدنيا أحسه مو مرتاح ولازم يعرف إني على كل إللي سواه فيني مسامحته لأنه بالنهاية أبوي وأخاف من عذاب ربي إذا عصيته.
أما مرت أبوي أقولها حسبي الله ونعم الوكيل فيك.

يا جماعه والله قصه أتحير، شي عجيب، وين الرحمة ؟ وين المثل اللي يقول ما يحك اظهيري إلا اضفيري ؟ وأنا بدوري ككاتب أوجه رسالة للأب: اتقي الله في نفسك، الله عطاك نعمة الأولاد اللي كثير من الناس محرومين منها وبنتك مو طالبه شي غير حنانك وإنك تضمها لصدرك، وما تدري أنت الحين بصحتك بس لا ياك غضب رب العالمين وصرت طريح الفراش من أي مرض وشفت إللي حواليك تاركينك من زوجه وعيال إللي عطيتهم كل حنانك واهتمامك رامينك ويتمتعون بفلوسك ساعتها بتعرف إن الله حق، والأهم من كل إللي فات وقت الحساب وانت رايح قبرك وياك ملك الحساب وسألك عن بنتك، ياريت نعرف الحين شنو ردك يمكن نقدر انصلحلك، إلحق ترا ما ظل بالعمر ولا تاخذك العزة بالإثم.

وانتي يا مرت الأبو , أقولك ترى الدنيا دوارة، وكما تدين تدان، يمكن في يوم من الأيام الأب تدخل بحياته وحده ثانيه وتسوي أكثر من إللي سويتيه، بس الفرق الأولي عنده بنت وحده وانتي عندك أربعه عيال، وتخيلي ربك يخصك بعذابه ويخلي عيالك يتخلون عنك ساعتها شتبين تسوين، راجعي نفسك، ترى الأيام كفيله إنها تغير اتجاه شراعك وان هبت رياح الدهر بتغرقين.


يوم قالت آه قلت ياشينها ونتك
وياشين صدرن ما يحتضن دمعتك
قالت يا خوي قصتي ما دارت بدنيتك
قلت قوليها خليني أترجم سبب دمعتك


مع تحياتي
غريب